تفسير ابن كثير " سورة النازعات (الأيه 16-46) - The World

The World

كل ما يهم العالم

اعلان

تفسير ابن كثير " سورة النازعات (الأيه 16-46)

تفسير ابن كثير " سورة النازعات (الأيه 16-46)

شارك المقال

النازعات

{16} إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِي الْمُقَدَّسِ طُوًى
" إِذْ نَادَاهُ رَبّه " أَيْ كَلَّمَهُ نِدَاء " بِالْوَادِ الْمُقَدَّس " أَيْ الْمُطَهَّر" طُوًى " وَهُوَ اِسْم الْوَادِي عَلَى الصَّحِيح كَمَا تَقَدَّمَ فِي سُورَة طَه .
{17} اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى
أَيْ تَجَرَّدَ وَتَمَرَّدَ وَعَتَا .
{18} فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى
أَيْ قُلْ لَهُ هَلْ لَك أَنْ تُجِيب إِلَى طَرِيقَة وَمَسْلَك تُزَكَّى بِهِ وَتَسْلَم وَتُطِيع .
{19} وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى
وَأَهْدِيَك إِلَى رَبّك أَيْ أَدُلّك إِلَى عِبَادَة رَبّك فَتَخْشَى أَيْ فَيَصِير قَلْبك خَاضِعًا لَهُ مُطِيعًا خَاشِعًا بَعْدَمَا كَانَ قَاسِيًا خَبِيثًا بَعِيدًا مِنْ الْخَيْر .
{20} فَأَرَاهُ الْآيَةَ الْكُبْرَى
يَعْنِي فَأَظْهَرَ لَهُ مُوسَى مَعَ هَذِهِ الدَّعْوَة الْحَقّ حُجَّة قَوِيَّة وَدَلِيلًا وَاضِحًا عَلَى صِدْق مَا جَاءَهُ بِهِ مِنْ عِنْد اللَّه .
{21} فَكَذَّبَ وَعَصَى
أَيْ فَكَذَّبَ بِالْحَقِّ وَخَالَفَ مَا أَمَرَهُ بِهِ مِنْ الطَّاعَة وَحَاصِله أَنَّهُ كَفَرَ قَلْبه فَلَمْ يَنْفَعِل لِمُوسَى بِبَاطِنِهِ وَلَا بِظَاهِرِهِ وَعِلْمه بِأَنَّ مَا جَاءَ بِهِ حَقّ لَا يَلْزَم مِنْهُ أَنَّهُ مُؤْمِن بِهِ لِأَنَّ الْمَعْرِفَة عِلْم الْقَلْب وَالْإِيمَان عَمَله وَهُوَ الِانْقِيَاد لِلْحَقِّ وَالْخُضُوع لَهُ .
{22} ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى
أَيْ فِي مُقَابَلَة الْحَقّ بِالْبَاطِلِ وَهُوَ جَمْعه السَّحَرَة لِيُقَابِلُوا مَا جَاءَ بِهِ مُوسَى مِنْ الْمُعْجِزَات الْبَاهِرَات .
{23} فَحَشَرَ فَنَادَى
أَيْ فِي قَوْمه .
{24} فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى
قَالَ اِبْن عَبَّاس وَمُجَاهِد وَهَذِهِ الْكَلِمَة قَالَهَا فِرْعَوْن بَعْد قَوْله مَا عَلِمْت لَكُمْ مِنْ إِلَه غَيْرِي بِأَرْبَعِينَ سَنَة .
{25} فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى
أَيْ اِنْتَقَمَ اللَّه مِنْهُ اِنْتِقَامًا جَعَلَهُ بِهِ عِبْرَة وَنَكَالًا لِأَمْثَالِهِ مِنْ الْمُتَمَرِّدِينَ فِي الدُّنْيَا " وَيَوْم الْقِيَامَة بِئْسَ الرِّفْد الْمَرْفُود " كَمَا قَالَ تَعَالَى " وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّة يَدْعُونَ إِلَى النَّار وَيَوْم الْقِيَامَة لَا يُنْصَرُونَ " وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح فِي مَعْنَى الْآيَة أَنَّ الْمُرَاد بِقَوْلِهِ " نَكَال الْآخِرَة وَالْأُولَى " أَيْ الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَقِيلَ الْمُرَاد بِذَلِكَ كَلِمَتَيْهِ الْأُولَى وَالثَّانِيَة وَقِيلَ كُفْره وَعِصْيَانه وَالصَّحِيح الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ الْأَوَّل .
{26} إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى
أَيْ لِمَنْ يَتَّعِظ وَيَنْزَجِر .
{27} أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا
يَقُول تَعَالَى مُحْتَجًّا عَلَى مُنْكِرِي الْبَعْث فِي إِعَادَة الْخَلْق بَعْد بَدْئِهِ" أَأَنْتُمْ " أَيّهَا النَّاس " أَشَدّ خَلْقًا أَمْ السَّمَاء " يَعْنِي بَلْ السَّمَاء أَشَدّ خَلْقًا مِنْكُمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى " لَخَلْق السَّمَوَات وَالْأَرْض أَكْبَر مِنْ خَلْق النَّاس " وَقَالَ تَعَالَى" أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَات وَالْأَرْض بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُق مِثْلهمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاق الْعَلِيم " وَقَوْله تَعَالَى " بَنَاهَا " فَسَّرَهُ بِقَوْلِهِ " رَفَعَ سَمْكهَا فَسَوَّاهَا" .
{28} رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا
أَيْ جَعَلَهَا عَالِيَة الْبِنَاء بَعِيدَة الْفِنَاء مُسْتَوِيَة الْأَرْجَاء مُكَلَّلَة بِالْكَوَاكِبِ فِي اللَّيْلَة الظَّلْمَاء .
{29} وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا
أَيْ جَعَلَ لَيْلهَا مُظْلِمًا أَسْوَد حَالِكًا وَنَهَارهَا مُضِيئًا مُشْرِقًا نَيِّرًا وَاضِحًا قَالَ اِبْن عَبَّاس " أَغْطَشَ لَيْلهَا " أَظْلَمَهُ وَكَذَا قَالَ مُجَاهِد وَعِكْرِمَة وَسَعِيد بْن جُبَيْر وَجَمَاعَة كَثِيرُونَ " وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا " أَيْ أَنَارَ نَهَارهَا .
{30} وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا
قَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه بْن جَعْفَر الرَّقِّيّ حَدَّثَنَا عُبَيْد اللَّه يَعْنِي اِبْن عُمَر عَنْ زَيْد بْن أَبِي أُنَيْسَة عَنْ الْمِنْهَال بْن عَمْرو عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر عَنْ اِبْن عَبَّاس " دَحَاهَا " وَدَحْيهَا أَنْ أَخْرَجَ مِنْهَا الْمَاء وَالْمَرْعَى وَشَقَّقَ فِيهَا الْأَنْهَار وَجَعَلَ فِيهَا الْجِبَال وَالرِّمَال وَالسُّبُل وَالْآكَام فَذَلِكَ قَوْله " وَالْأَرْض بَعْد ذَلِكَ دَحَاهَا " وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي سُورَة حم السَّجْدَة أَنَّ الْأَرْض خُلِقَتْ قَبْل خَلْق السَّمَاء وَلَكِنْ إِنَّمَا دُحِيَتْ بَعْد خَلْق السَّمَاء بِمَعْنَى أَنَّهُ أَخْرَجَ مَا كَانَ فِيهَا بِالْقُوَّةِ إِلَى الْفِعْل وَهَذَا مَعْنَى قَوْل اِبْن عَبَّاس وَغَيْر وَاحِد وَاخْتَارَهُ اِبْن جَرِير .
{31} أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا
قَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه بْن جَعْفَر الرَّقِّيّ حَدَّثَنَا عُبَيْد اللَّه يَعْنِي اِبْن عُمَر عَنْ زَيْد بْن أَبِي أُنَيْسَة عَنْ الْمِنْهَال بْن عَمْرو عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر عَنْ اِبْن عَبَّاس" دَحَاهَا " وَدَحْيهَا أَنْ أَخْرَجَ مِنْهَا الْمَاء وَالْمَرْعَى وَشَقَّقَ فِيهَا الْأَنْهَار وَجَعَلَ فِيهَا الْجِبَال وَالرِّمَال وَالسُّبُل وَالْآكَام فَذَلِكَ قَوْله " وَالْأَرْض بَعْد ذَلِكَ دَحَاهَا" وَقَدْ تَقَدَّمَ تَقْرِير ذَلِكَ هُنَالِكَ .
{32} وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا
أَيْ قَرَّرَهَا وَأَثْبَتَهَا وَأَكَّدَهَا فِي أَمَاكِنهَا وَهُوَ الْحَكِيم الْعَلِيم الرَّءُوف بِخَلْقِهِ الرَّحِيم وَقَالَ الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا يَزِيد بْن هَارُون أَخْبَرَنَا الْعَوَّام بْن حَوْشَب عَنْ سُلَيْمَان بْن أَبِي سُلَيْمَان عَنْ أَنَس بْن مَالِك عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " لَمَّا خَلَقَ اللَّه الْأَرْض جَعَلَتْ تَمِيد فَخَلَقَ الْجِبَال فَأَلْقَاهَا عَلَيْهَا فَاسْتَقَرَّتْ فَتَعَجَّبَتْ الْمَلَائِكَة مِنْ خَلْق الْجِبَال فَقَالَتْ يَا رَبّ فَهَلْ مِنْ خَلْقك شَيْء أَشَدّ مِنْ الْجِبَال ؟ قَالَ نَعَمْ : الْحَدِيد قَالَتْ يَا رَبّ فَهَلْ مِنْ خَلْقك شَيْء أَشَدّ مِنْ الْحَدِيد ؟ قَالَ نَعَمْ : النَّار قَالَتْ : يَا رَبّ فَهَلْ مِنْ خَلْقك أَشَدّ مِنْ النَّار ؟ قَالَ نَعَمْ ; الْمَاء قَالَ يَا رَبّ فَهَلْ مِنْ خَلْقك شَيْء أَشَدّ مِنْ الْمَاء ؟ قَالَ نَعَمْ : الرِّيح قَالَتْ يَا رَبّ فَهَلْ مِنْ خَلْقك شَيْء أَشَدّ مِنْ الرِّيح ؟ قَالَ نَعَمْ : اِبْن آدَم يَتَصَدَّق بِيَمِينِهِ يُخْفِيهَا عَنْ شِمَاله " وَقَالَ أَبُو جَعْفَر بْن جَرِير حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد حَدَّثَنَا جَرِير عَنْ عَطَاء عَنْ أَبِي عَبْد الرَّحْمَن السُّلَمِيّ عَنْ عَلِيّ قَالَ : لَمَّا خَلَقَ اللَّه الْأَرْض قَمَصَتْ وَقَالَتْ تَخْلُق عَلَيَّ آدَم وَذُرِّيَّته يُلْقُونَ عَلَيَّ نَتْنهمْ وَيَعْلُونَ عَلَيَّ بِالْخَطَايَا ؟ فَأَرْسَاهَا اللَّه بِالْجِبَالِ فَمِنْهَا مَا تَرَوْنَ وَمِنْهَا مَا لَا تَرَوْنَ وَكَانَ أَوَّل قَرَار الْأَرْض كَلَحْمِ الْجَزُور إِذَا نُحِرَ يُخْتَلَج لَحْمه . غَرِيب جِدًّا .
{33} مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ
أَيْ دَحَا الْأَرْض فَأَنْبَعَ عُيُونهَا وَأَظْهَرَ مَكْنُونهَا وَأَجْرَى أَنْهَارهَا وَأَنْبَتَ زُرُوعهَا وَأَشْجَارهَا وَثِمَارهَا وَثَبَّتَ جِبَالهَا لِتَسْتَقِرّ بِأَهْلِهَا وَيَقَرّ قَرَارهَا كُلّ ذَلِكَ مَتَاعًا لِخَلْقِهِ وَلِمَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ مِنْ الْأَنْعَام الَّتِي يَأْكُلُونَهَا وَيَرْكَبُونَهَا مُدَّة اِحْتِيَاجهمْ إِلَيْهَا فِي هَذِهِ الدَّار إِلَى أَنْ يَنْتَهِي الْأَمَد وَيَنْقَضِي الْأَجَل .
{34} فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى
وَهُوَ يَوْم الْقِيَامَة قَالَهُ اِبْن عَبَّاس سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا تَطِمّ عَلَى كُلّ أَمْر هَائِل مُفْظِع كَمَا قَالَ تَعَالَى " وَالسَّاعَة أَدْهَى وَأَمَرّ" .
{35} يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ مَا سَعَى
أَيْ حِينَئِذٍ يَتَذَكَّر اِبْن آدَم جَمِيع عَمَله خَيْره وَشَرّه كَمَا قَالَ تَعَالَى " يَوْمئِذٍ يَتَذَكَّر الْإِنْسَان وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى " .
{36} وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرَى
أَيْ أُظْهِرَتْ لِلنَّاظِرِينَ فَرَآهَا النَّاس عِيَانًا .
{37} فَأَمَّا مَنْ طَغَى
أَيْ تَمَرَّدَ وَعَتَا .
{38} وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا
أَيْ قَدَّمَهَا عَلَى أَمْر دِينه وَأُخْرَاهُ .
{39} فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى
أَيْ فَإِنَّ مَصِيره إِلَى الْجَحِيم وَإِنَّ مَطْعَمه مِنْ الزَّقُّوم وَمَشْرَبه مِنْ الْحَمِيم .
{40} وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى
أَيْ خَافَ الْقِيَام بَيْن يَدَيْ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ وَخَافَ حُكْم اللَّه فِيهِ وَنَهَى نَفْسه عَنْ هَوَاهَا وَرَدَّهَا إِلَى طَاعَة مَوْلَاهَا .
{41} فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى
أَيْ مُنْقَلَبه وَمَصِيره وَمَرْجِعه إِلَى الْجَنَّة الْفَيْحَاء .
{42} يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى " يَسْأَلُونَك عَنْ السَّاعَة أَيَّانَ مُرْسَاهَا فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا إِلَى رَبّك مُنْتَهَاهَا " أَيْ لَيْسَ عِلْمهَا إِلَيْك وَلَا إِلَى أَحَد مِنْ الْخَلْق بَلْ مَرَدّهَا وَمَرْجِعهَا إِلَى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ فَهُوَ الَّذِي يَعْلَم وَقْتهَا عَلَى التَّعْيِين" ثَقُلَتْ فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَة يَسْأَلُونَك كَأَنَّك حَفِيّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمهَا عِنْد اللَّه " وَقَالَ هَاهُنَا " إِلَى رَبّك مُنْتَهَاهَا " وَلِهَذَا لَمَّا سَأَلَ جِبْرِيل رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ وَقْت السَّاعَة قَالَ " مَا الْمَسْئُول عَنْهَا بِأَعْلَم مِنْ السَّائِل" .
{43} فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى " يَسْأَلُونَك عَنْ السَّاعَة أَيَّانَ مُرْسَاهَا فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا إِلَى رَبّك مُنْتَهَاهَا " أَيْ لَيْسَ عِلْمهَا إِلَيْك وَلَا إِلَى أَحَد مِنْ الْخَلْق بَلْ مَرَدّهَا وَمَرْجِعهَا إِلَى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ فَهُوَ الَّذِي يَعْلَم وَقْتهَا عَلَى التَّعْيِين " ثَقُلَتْ فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَة يَسْأَلُونَك كَأَنَّك حَفِيّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمهَا عِنْد اللَّه " وَقَالَ هَاهُنَا " إِلَى رَبّك مُنْتَهَاهَا " وَلِهَذَا لَمَّا سَأَلَ جِبْرِيل رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ وَقْت السَّاعَة قَالَ " مَا الْمَسْئُول عَنْهَا بِأَعْلَم مِنْ السَّائِل " .
{44} إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَاهَا
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى " يَسْأَلُونَك عَنْ السَّاعَة أَيَّانَ مُرْسَاهَا فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا إِلَى رَبّك مُنْتَهَاهَا " أَيْ لَيْسَ عِلْمهَا إِلَيْك وَلَا إِلَى أَحَد مِنْ الْخَلْق بَلْ مَرَدّهَا وَمَرْجِعهَا إِلَى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ فَهُوَ الَّذِي يَعْلَم وَقْتهَا عَلَى التَّعْيِين " ثَقُلَتْ فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَة يَسْأَلُونَك كَأَنَّك حَفِيّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمهَا عِنْد اللَّه " وَقَالَ هَاهُنَا " إِلَى رَبّك مُنْتَهَاهَا " وَلِهَذَا لَمَّا سَأَلَ جِبْرِيل رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ وَقْت السَّاعَة قَالَ " مَا الْمَسْئُول عَنْهَا بِأَعْلَم مِنْ السَّائِل " .
{45} إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا
أَيْ إِنَّمَا بَعَثْتُك لِتُنْذِر النَّاس وَتُحَذِّرهُمْ مِنْ بَأْس اللَّه وَعَذَابه فَمَنْ خَشِيَ اللَّه وَخَافَ مَقَامه وَوَعِيده اتَّبَعَك فَأَفْلَحَ وَأَنْجَحَ وَالْخَيْبَة وَالْخَسَار عَلَى مَنْ كَذَّبَك وَخَالَفَك .
{46} كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا
أَيْ إِذَا قَامُوا مِنْ قُبُورهمْ إِلَى الْمَحْشَر يَسْتَقْصِرونَ مُدَّة الْحَيَاة الدُّنْيَا حَتَّى كَأَنَّهَا عِنْدهمْ كَانَتْ عَشِيَّة مِنْ يَوْم أَوْ ضُحًى مِنْ يَوْم وَقَالَ جُوَيْبِر عَنْ الضَّحَّاك عَنْ اِبْن عَبَّاس " كَأَنَّهُمْ يَوْم يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّة أَوْ ضُحَاهَا " أَمَّا عَشِيَّة فَمَا بَيْن الظُّهْر إِلَى غُرُوب الشَّمْس أَوْ ضُحَاهَا مَا بَيْن طُلُوع الشَّمْس إِلَى نِصْف النَّهَار وَقَالَ قَتَادَة : وَقْت الدُّنْيَا فِي أَعْيُن الْقَوْم حِين عَايَنُوا الْآخِرَة . آخِر تَفْسِير النَّازِعَات وَلِلَّهِ الْحَمْد وَالْمِنَّة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اعلان